السبت، ٢٣ شباط ٢٠٠٨

بغداد تهجع مع مغيب الشمس


أصبح الناس في العاصمة بغداد يتحصنون ببيوتهم قبل صلاة المغرب، حيث يسكن المدينة صمت مطبق لا يكسره سوى أصوات التفجيرات أو إطلاق الرصاص المتقطع.
ويؤدي هذا الوضع إلى توقف الحياة في العاصمة العراقية التي يقطنها أكثر من سبعة ملايين نسمة خصوصا بالمراكز الكبرى، في حين تستمر الحركة في المناطق الشعبية حصريا لأبناء المنطقة نفسها.
مخابئ أشباح
ويروي الرائد شرطة مقداد مسلم أن الشوارع المظلمة ببغداد تتحول ليلا إلى مخابئ أشباح بسبب الإنارة الكهربائية المتوقفة عن الخدمة دائما إلا لساعة أو ساعتين يوميا بعد أن ينصرف الناس إلى البيوت.
وقال مسلم للجزيرة نت إن الحركة تتوقف نهائيا في مركز المدينة والشوارع الكبرى وتقاطعات الجسور بسبب عدم وجود مطاعم بهذه المناطق، مستطردا أنه في المقابل تستمر الحركة في المناطق الشعبية لأبناء المنطقة نفسها حصرا.
وأضاف أن مهمة الشرطة ليلا تنحصر أساسا في تسهيل ولوج المرضى لدى ذهابهم إلى المستشفيات في الحالات الطارئة من خلال إيصال المحتاجين منهم بسيارات الشرطة.
وقال مسلم إن دوريات الشرطة شهدت العشرات من حالات نقل الحوامل إلى المستشفيات "غالبا ما يرافق أفرادها الحوامل حتى يضعن حملهن".
أمر واقع
ويفرض الواقع نفسه على الأجانب القليلين -الذين لا يعملون بخدمة القوات الأميركية- ويختبئون سرا في الفنادق مثلما فعل الصحفي الإيطالي دانيال الذي يكتب لصحيفة ريبوبليكا الإيطالية.
الشرطة تتولى ليلا نقل المرضى للمستشفيات ببغداد (رويترز-أرشيف)

ويقول دانيال للجزيرة نت "أمضي وقتي في الفندق الذي يقع وسط العاصمة ولا أتنقل ليلا في المدينة، فلا مطاعم ولا محال لهو ولا حياة بعد غروب الشمس، تمنيت أن أمضي سهرة في بغداد ولكن ذلك يبدو من المستحيلات".
ومن جهتهم يعيش الشباب في بغداد حياتهم بعد غروب الشمس بطريقتهم الخاصة بشكل منحصر في أحيائهم.
ويقول نصير علي (22 عاما) الذي يقطن منطقة بغداد الجديدة جنوب شرق العاصمة "لا أحد منا يغادر المنطقة التي يسكنها ولكننا قرب بيوتنا لدينا حياتنا الخاصة، هناك محال للألعاب ومقاه للإنترنت، جميع هذه المحلات تستمر ليلا في منطقتنا".
وأضاف أن "الحال مختلف في مناطق أخرى من العاصمة، لا أحد يأتينا حتى من المناطق الملاصقة لنا ولا أحد منا يذهب بعد غروب الشمس إلى منطقة أخرى حتى ولو كانت محاذية لمنطقتنا، هذا الوضع اعتدنا عليه طيلة السنوات الخمس الماضية من الاحتلال الأميركي".
مجالس الصحوة
وبالنسبة إلى بلال نجم (28 عاما) الذي يسكن منطقة الدورة جنوب بغداد فإن "الحياة في المنطقة تحسنت بعض الشئ وعادت المطاعم والمحال والأسواق لفتح أبوابها نهارا بحراسة رجال مجالس الصحوة".
وأضاف للجزيرة نت أن الحياة تنعدم في الليل "لا حياة إطلاقا، لا مطاعم، لا مقاه، الكل يلزم نفسه بالبيوت بعد صلاة المغرب، فلا ضيف يطرق الباب ولا نخطط لزيارة أحد على الإطلاق، الحياة تتوقف في منطقتنا بعد الغروب".
وقال حسن جواد سائق سيارة الأجرة الذي يبدأ عمله وفقا لما يقول من الثامنة صباحا وحتى غروب الشمس بالعاصمة "الحياة نهارا أخذت تشهد تحسنا ونشط تبادل الزيارات بين سكان مناطقها المتباعدة، لكن الحياة تنتهي دائما في 90% من أحياء المدينة بعد أذان صلاة المغرب".

ليست هناك تعليقات: