السبت، ١ آذار ٢٠٠٨

روبرت درايفوس: الكثيرون من الشيعة العراقيين "يكرهون " المجلس الأعلى ويعدون المنتمين إليه "خونة"


بغداد-واشنطن-الملف برس

لا تخفي واشنطن "وبالتحديد أجهزتها الاستخبارية" أنها غير مطلعة تفصيليا على أسرار النفوذ الإيراني في العراق، وماهية علاقاتها غير المعلنة أو المكتشفة، وخاصة تلك التي تخطط لـ "امتداد العلاقات في المستقبل" وليس فقط بسبب دواع مصلحية آنية.

ومع أن المحلل السياسي الأميركي (روبرت درايفوس) يؤكد في دراسته التي نشرتها مجلة The Nation الأميركية، أن طهران ماضية في علاقاتها بالمجلس الأعلى الذي يتزعمه ( الحكيم) إلا إنها تحاول استقطاب (مقتدى الصدر) وكسبه باعتباره "قيادة واعدة" ويمكن أن تكون "ذات أثر خطير" في العراق على مدى عشر سنوات مقبلة.

(9)

هلترمان: المجلس الإسلامي الأعلى "مكروه"

ويذهب (درايفوس) إلى أن إيران تقوم بشكل مستمر في تقييم خياراتها في هذا الصراع الشيعي الداخلي . وبالرغم من العلاقة الوثيقة لطهران بالمجلس الاسلامي الاعلى ، فان قادة طهران قد يكونون قلقين من حيوية الحزب في الأمد الطويل . وقد أصيب (عبد العزيز الحكيم) بسرطان الرئة في السنة الماضية وقضى اسابيع طويلة في إيران لاجل العلاج ، وابنه وخليفته المحتمل (عمار الحكيم) شاب لا يتمتع بالخبرة . وبالإضافة الى ذلك، فإن إيران مدركة جيدا بان العديد من الشيعة العراقيين، الذين حاربوا ضد إيران في الحرب العراقية – الإيرانية يكرهون المنتمين الى المجلس الاسلامي الاعلى وينظرون إليهم كخونة .

ويقول (جوزيت هلترمان) من المجموعة الدولية للأزمات الذي درس المجلس الاسلامي بشكل وثيق: "انه مكروه". ولذلك وعلى الرغم من النزعة الوطنية لـ (الصدر) ونفوره الواضح من القيادة الإيرانية ، تسعى إيران الى بناء صلات مع رجل الدين الواعد .

إن مساعي إيران لتنمية علاقاتها مع الصدر والعكس بالعكس –برأي هلترمان- تعمل على مستويين : الأول ، مباشرة مع الصدر وقيادته العليا ، وثانيا ، من خلال الوصل عميقا مع ميليشيا جيش المهدي .وبتقدير ان هناك 60 آلف رجل مسلح ، فان جيش المهدي ليس منظما كقوة مقاتلة ، ولكن لان انضباطه غير محكم – فهو مثل شبكات العصابات المسلحة في المدن والأحياء . وبادراك الفرصة من الحصول على مزايا من فقدان الانضباط هذا ، بدأت ايران بجهد منظم للفوز بولاء قادة جيش المهدي المحليين والإقليميين ، استنادا الى حلقة واسعة من المحللين .وربما يكون هدف إيران في تحويل جيش المهدي الى نسخة من حزب الله اللبناني ، يعتمد على إيران في التمويل والتسليح .

يؤكد (درايفوس) قوله: إن المجموعات التي تسمى بالخاصة والتي ظهرت ، استنادا الى البنتاغون كعنوان لسلسلة من المقاتلين الصدريين والذين بدأوا قبل سنة مضت ، ظهرت كأعداء مميتين لقوة الاحتلال الأميركي . وبعد ان ارتبط عشرات الآلاف من مقاتلي المقاومة السنية السابقين بميليشيا الصحوة في الأنبار تحت قيادة رؤساء العشائر العراقية ، وهو جزء من الميل الاميركي تجاه السنة في العراق في سنة 2006 ، فقد بدأت الولايات المتحدة بمحاربة موجات من الهجمات في المناطق الشيعية جنوب وشرق بغداد ، من قبل المتشددين الشيعة الذين يعارضون التوافق الاميركي – السني . وبحلول منتصف سنة 2007 ، فان هؤلاء المتمردين كانوا مسؤولين عن ثلاثة أرباع الإصابات الحادثة في الجيش الاميركي ، استنادا الى الجيش الاميركي وقد أطلق البنتاغون على المهاجمين :" المجموعات الخاصة من جيش المهدي التي تسندها ايران " واتهمتهم باستخدام مستوى معين من التسليح من ضمنها قنابل مصنوعة في ايران تسمى " القنابل الاختراقية شديدة الانفجار ".

ويضيف قائلاً: تقريباً كل المحللين الذين تم الحديث معهم من اجل هذا الموضوع ، يعتقدون بان ايران قد زودت بالنتيجة بعض الأسلحة المستخدمة من قبل المتمردين الشيعة ، بالرغم من ان الأدلة التي قدمت من قبل البنتاغون كانت اقل من ان تكون شاملة .

(10)

ما تفعله إيران في العراق حالة غير محددة

ويقول (ديفيد ماك) من معهد الشرق الاوسط والذي عمل لفترتين كدبلوماسي اميركي في العراق اثناء خدمته :" لا اعتقد باننا حصلنا على الكثير من المعلومات الاستخبارية حول ما تفعله ايران بالتحديد ، وقد رأينا نتائج بعض انواع الاسلحة التي بدون جدال مصنوعة في ايران ". وقد اعترف البنتاغون بانه فشل في اعتراض اية شحنات تعبر الحدود الايرانية الى العراق ، ولكن الجيش يصر بان ايران متورطة ، ويقول بان القوات الاميركية والعراقية قد القوا القبض على الكثير من المقاتلين المتدربين في ايران وعلى الاقل احد قادة حزب الله من لبنان .

ويقول بعض المتشككين في البنتاغون بان الاسلحة الايرانية التي وجدت طريقها الى العراق قد تم تهريبها من قبل عناصر اجرامية مستقلة من قوة القدس التابعة للحرس الثوري الايراني بدون علم القائد الاعلى (خامنئي) ، ولكن ذلك لا يبدو محتملا . ويسمي (ماهن ابيدين) الفكرة " مضحكة ومدعاة للسخرية " ويضيف :" اذا كان الحرس الثوري الايراني يقوم باي شيء في العراق فانه سيعاقب رسميا ، وحينما نصل الى مسائل بهذه الاهمية فليس هناك نطاق للتصرف خارج المؤسسات القائمة بشكل ثابت ويجب عدم الخطأ في ذلك . الحرس الثوري الايراني منظمة منضبطة بشكل عالي ، انه قوة ايديولوجية والكثير من التفكير والتخطيط يرجع اليه ، انه منظمة سرية بشكل كبير ومسيطر عليها بشكل محكم ".

وبالرغم من الرغبة في القاء المسؤولية على ايران وعناصر في جيش المهدي ، فان القادة الاميركيين في العراق –كما يقول درايفوس- حذرون بعدم القاء المسؤولية على الصدر نفسه . واستنادا الى الادميرال جورج سميث الناطق العسكري الاميركي في العراق ، العملاء العراقيون لايران يشكلون مجموعات صغيرة من عشرين الى اربعين يرسلون من وقت الى وقت عبر الحدود الى ايران . وقال سميث :" يتم تدريبهم ويعاد ارسالهم كمجموعات خاصة ، ويتم اعادتهم كخلايا صغيرة ويتم تحويلهم الى دمى وحشية ".

وبالرغم من تبعثر العديد من هذه الخلايا في بغداد وديالى والجنوب ويسمون انفسهم اتباع مقتدى الصدر فان الدرجة المحددة لولاءهم لمنظمة الصدر يستحيل قياسها . والجيش الاميركي يعتبرهم بالنتيجة محددي المعالم . ويقول سميث :" ما يحدث انهم مؤخرا مفصولون عن جيش المهدي التابع لمقتدى الصدر ويقومون بعملياتهم كعناصر اجرامية خارج سيطرة جيش المهدي ومقتدى الصدر "، طبقاً لرأي (درايفوس ) .

ولكن في الصيف الماضي ، عانى التيار الصدري من خسائر كبيرة وبدا انه في مشكلة عميقة ، وسواء كانت اجرامية ام لا ، فان المجموعات الخاصة هي تتعرض لهجمات كبيرة من قبل الجهد الاميركي العراقي المشترك . والصدامات مع مجموعات بدر الاكثر انضباطا والاقل تسليحا اخذت حيزا على قوات الصدر .

(11)

الصدر فاجأ الأميركان وأربك حساباتهم

وفي شهر اب الماضي –يقول درايفوس- فان معركة مثيرة بين قوات جيش المهدي وبدر وقعت في كربلاء تركت عشرات القتلى وتم اعتقال 500 من الصدريين ، وخلال ايام اعلن الصدر قراره بوقف اطلاق النار لستة اشهر .

وجاء هذا القرار في لحظة مناسبة بالنسبة للصدر ، وبعكس فرق الموت التابعة لبدر والتي حملت المسؤولية بشكل محدد بسبب القيام بحالات القتل ، وبالنتيجة فبعض نواب الصدر وقياداته قد ارتبطوا بعنف وحشي ضد السنة في حملات التطهير العرقي ، ولاسيما في بغداد ، وتصرفوا غالبا كقطاع طرق بدلا من جيش سياسي . وأعطى وقف اطلاق النار الصدر الفرصة لكبح معظم العناصر غير المنضبطة في الصدريين .

ليس من الواضح بالتحديد –يتساءل المحلل السياسي روبرت درايفوس- ما الذي دفع الصدر الى اعلان قرار وقف اطلاق النار ، ولكن تأثيره كان كهربائيا ، فلم يضع اتباع الصدر أسلحتهم جانبا فحسب ، بل العنف المرتبط بالمجموعات الخاصة انخفض بشكل دراماتيكي ايضا . والخسائر في صفوف الاميركيين التي كانت قد هبطتت الى الصفر تقريبا بسبب متطوعي الصحوة ، انحدرت بشكل كبير في العاصمة وجنوب العراق ، وبعد عدة اسابيع وفي شهر تشرين الاول وقع الحكيم والصدر اتفاقية سلام متوعكة والتي تمت وساطتها من قبل ايران . " واستنادا الى جريدة الحياة ، فان القائد الاعلى اية الله خامنئي كان حاضرا عندما تم التوصل الى الاتفاق بين الصدر والحكيم في شهر تشرين الاول " كما يقول سام باركر الخبير بشؤون العراق في المعهد الاميركي للسلام . ( وفي منصف شباط الجاري وبدا وكأن الاتفاقية تنهار بشكل واضح ".

ويقول: ان جيش المهدي والمجموعات الخاصة قد التزمت في الوقت نفسه بقرار اطلاق النار المعلن من قبل الصدر قد يعني بان الواحدات الإجرامية المفترضة في جيش المهدي ليست إجرامية بهذه الدرجة .وكما يقول واين وايت :" ان الموضوع يعني ان الصدر يملك سيطرة اكبر مما كنا نظن ". والاحتمال الاخر انه بهدوء ووراء الستار ، استخدمت ايران نفوذها ومن ضمنه قطع الاسلحة والاموال لتقييد المقاتلين الشيعة . ويقول وايت :" اعتقد ان هناك الان علاقة صلبة بين الصدر والايرانيين ، وكلاهما الصدر والايرانيين قرأوا زيادة القوات بالطريقة نفسها . الالاف فروا خارج بغداد الى المناطق الشيعية المقدسة او الى ايران ، وقد رحلوا فقط . ولماذا يجابهون الاميركيين في قمة ضعفهم ؟ ويستطيعون فقط الانتظار لانتهاء زيادة القوات الاميركية ". وفي الحقيقة فان تقريرا واسعا صدر اخيرا في صحيفة الكريستيان ساينس مونيتور ، عرض بان الصدر يستخدم فترة الهدوء لتقوية ميليشيته .وقد انشأ قوة خاصة التي تسمى – القوة الذهبية ، لفرض الانضباط على جيش المهدي .

وفي جزء لاحق وأخير من سلسلة هذه التقارير التي ترجمتها وأعدتها الملف برس عن دراسة كتبها المحلل السياسي (روبرت درايفوس) تحت عنوان (هل تربح إيران الحرب؟) يجري تناول "أسباب امتداح الجنرال (بيتريوس) لرجل الدين الشاب (مقتدى الصدر ) .

ليست هناك تعليقات: