الثلاثاء، ١٨ آذار ٢٠٠٨

الصدر في الحياة السياسية العراقية


بإعلانه مؤخرا تمديد وقف إطلاق النار مدة ستة أشهر أخرى كسب الزعيم الشيعي مقتدى الصدر الثناء من الولايات المتحدة ومن الحكومة العراقية.

لكن هل سيدوم هذا الاعتدال الجديد طويلا؟

ففي الأيام الأولى من الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، كثيرا ما تمت الاستهانة بشأن مقتدى الصدر باعتباره مجرد مهيج ساذج.

وصف الرئيس الأمريكي مرة قواته أي جيش المهدي بأنه "عصابة من قطاع الطرق".

غير أن باتريك كوكبيرن الكاتب في صحيفة الاندبندنت البريطانية والذي يؤلف حاليا كتابا عن الصدر يقول إن الأمريكيين وباستمرار لا يقدرون زعيم التيار الصدري حق قدره.

صراع سياسي

ويعتبر كوكبيرن الصدر زعيما للحركة الشعبية الأصيلة والوحيدة في العراق، والتي تتألف من عشرات الآلاف من الشباب الشيعة في جنوبي العراق، وفي ضاحية الصدر المتمددة الأطراف في العاصمة بغداد.

كما يعتقد كوكبيرن أن رجل الدين الشاب يتعلم من أخطائه.

انتفضت الحركة الصدرية مرتين خلال عام 2004 ضد الوجود الأمريكي في العراق.

وأطلقت هاتان الانتفاضتان إسم مقتدى الصدر كمعاد شديد للاحتلال الأجنبي، إلا أن رجاله لم يتمكنوا من الصمود في وجه الأمريكيين.

أما الآن كما يقول كوكبيرن "فهو لا يدخل في مواجهة إلا إذا ضمن أنه سيكسبها".

في عام 2005 أخذ الصدر في تحويل نضاله إلى نضال سياسي، فخاض الانتخابات، وفاز بكتلة لابأس بها في البرلمان.

إلا أنه رفض تفكيك جيش المهدي الذي يظل قوة لا يستهان بها.

وفي العام الذي تلاه اشتدت أحداث العنف الطائفية السنية الشيعية وتزايدت الاتهامات لجيشه بحوادث القتل والجرائم الطائفية الشنيعة.

وتقول ناجية العلي من جامعة لندن والتي ألفت مؤخرا كتابا عن النساء العراقيات إن تاريخ حركته متباين بالتأكيد، "فهو مصدر البقاء على قيد الحياة للكثيرين حيث لا توجد هناك دولة فعلية".

لكنها تضيف أن الحركة قد مارست ضغوطا شديدة على النساء لارتداء الحجاب، كما تتهم العلي الحركة بالتورط في عدد من "جرائم قتل الشرف" وخاصة في مدينة البصرة جنوبي العراق.

وقتل أكثر من 100 امرأة عراقية في البصرة في العام الماضي وحده.

وفي بعض الحالات ألقيت جثثهن في حاويات القمامة.

عنصر إجرامي

وينفي بهاء الأعرجي أحد كبار مسؤولي التيار الصدري تورط أبناء تياره في هذه الأحداث.

و يقول الأعرجي "إن الأحداث التي تشير إليها مناقضة للإسلام، ولذا فليست مما يمكن أن نرتكبه".

ولمح الأعرجي إلى أن للدول المجاورة غرضا في بعث عدم الاستقرار في البصرة لأهمية المدينة كمصدر للقسم الأكبر من ثروة العراق النفطية.

كما نفى الأعرجي أن يكون الصدريون يجبرون النساء على التقيد بالزي الإسلامي.

في العام الماضي أمر مقتدى الصدر جيش المهدي بالالتزام بوقف إطلاق النار لمدة ستة أشهر، والذي جدده مؤخرا.

ويعتقد كوكبيرن أنه فعل ذلك كي يتفادى المواجهة مع الأمريكيين، وكي يحكم قبضته على قواته الذي عانى مؤخرا ممن انقسامات شهيرة.

ويقر الأعرجي بأن بعض المسلحين المحليين والمجرمين قد لوثوا سمعة جيش المهدي بارتكاب ممارساتهم باسمه، ويقول أن أكثر من 700 قد طردوا من التيار أثناء فترة وقف إطلاق النار.

فما الخطوة التالية أمام الصدريين؟

إن الانتخابات المحلية التي ستجري في تشرين الأول/أكتوبر ستكون امتحانا هاما للحركة ومقياسا لنجاحها.

ويعتقد مراقبون أن من المحتم أن يحقق التيار نجاحا ملحوظا مقابل منافسه "المجلس الإسلامي الأعلى في العراق" والذي يتزعمه عبد العزيز الحكيم.

وتحوم شكوك حول إمكانية إجراء هذه الانتخابات في موعدها بسبب بعض المناكفات السياسية.

لكن إذا ما جرت الانتخابات واجتاح الصدريون الجنوب فسيكون لمقتدى الصدر وزن كبير في تقرير مصير العراق.

ليست هناك تعليقات: