السبت، ٢٦ كانون الثاني ٢٠٠٨

سوريا: ارتفاع مستويات الصدمة العصبية بين اللاجئين العراقيين، حسب الأمم المتحدة


شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)
أفادت دراسة صادرة عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في 22 يناير/كانون الثاني أن العراقيين في سوريا يعانون من مستويات حادة من الصدمة العصبية تفوق بكثير تلك التي عانى أو يعاني منها اللاجؤون الآخرون ممن فروا من بلادهم بسبب نزاعات حديثة في مناطق أخرى من العالم.

وقد أظهرت الأرقام المبينة على مقابلات مع 754 لاجئ، والتي تم تحليلها من طرف المركز الأمريكي للحد من الأمراض باستعمال قائمة هوبكينز للأعراض المرضية واستبيان هارفرد لقياس الصدمات النفسية، أن 89.5 بالمائة من اللاجئين يعانون من الاكتئاب، و81.6 منهم يعانون من القلق و67.6 بالمائة يعانون من اضطرابات التوتر الذي يلي الصدمة.

وفي هذا الإطار، قالت سيبيلا وايلكس، الناطقة باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في سوريا: "لقد أصابتنا هذه الإحصائيات بالصدمة ولكنها لم تفاجئنا لأنه يتم في كل ساعة التبليغ عن حالات تعذيب أو عن آثار عنف مدمرة".

ومقارنةً بالأرقام الواردة في دراسات مماثلة أعقبت النزاع في كوسوفو وفي أفغانستان، فإن هذه الأرقام تظهر عمق اليأس الذي يشعر به اللاجؤون العراقيون في سوريا.

وكانت الدراسة التي أُجرِيت في كوسوفو عام 2003 بعد أربع سنوات من انتهاء الحرب ضد القوات الصربية قد أظهرت أن مستوى اضطرابات التوتر الذي يلي الصدمة وصلت إلى 25 بالمائة. كما أظهرت الدراسة التي أُجرِيت في أفغانستان عام 2004 أن نسبة اضطرابات التوتر الذي يلي الصدمة وصلت إلى 42.1 بالمائة. ومن الواضح أن هاتين النسبتين أقل بكثير من النسبة التي تم اكتشافها بين العراقيين في سوريا.

ارتفاع النسب "بشكل غير عادي"

أشارت وايلكس إلى أنه بالرغم من عدم انطباق الأرقام على عموم العراقيين الموجودين في سوريا، إلا أن "نسب اضطرابات التوتر الذي يلي الصدمة لديهم عالية بشكل غير عادي".

وكانت القوات التي تقودها الولايات المتحدة قد هاجمت العراق في مارس 2003 وأطاحت بنظام صدام حسين متسبِّبةً في اندلاع صراع مسلح عنيف بين الطوائف المختلفة.

ووفقاً للأرقام، فإن 77 بالمائة من المشاركين في الاستبيان تضرروا من جراء القصف الجوي والهجمات الصاروخية، و80 بالمائة منهم شهدوا عمليات إطلاق، و 68 بالمائة منهم خضعوا للتحقيق أو المضايقات من طرف الميليشيات، و 75 بالمائة فقدوا قريباً لهم.

ولا يُخفي اللاجؤون العراقيون في مركز التسجيل التابع للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين بدمشق الرعب الذي يشعرون به. فقد أجهشت أسرة مكونة من 10 أفراد بالبكاء، ولم يستطع أفراد الأسرة السيطرة على أنفسهم وهم يحكون قصتهم لموظف التسجيل بالمفوضية. وكان أفراد الأسرة قد عانوا من حوادث اغتصاب وإصابات ناتجة عن إطلاق نار وأصبحوا الآن غير قادرين على تحمل الحياة في سوريا. وقال أحمد طارق، أحد أفراد الأسرة: "إننا نشعر بالإحباط والكآبة منذ 2003 عندما بدأ كل شيء".

من جهته، قال محمد علي، لاجئ آخر، أن تهديدات القتل التي تعرض لها من طرف الميليشيات الشيعية جعلته يشعر "بالخوف الشديد" وتسببت في معاناته من ارتفاع ضغط الدم الذي أدى، حسب قوله، إلى تدهور شديد في صحته.

''إننا نشعر بالإحباط والكآبة منذ 2003 عندما بدأ كل شيء''
وأشارت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى أن الأرقام توضح بعض التوجهات المقلقة التي تنتشر بين اللاجئين. حيث قالت وايلكس: "إنها تشرح السبب في عدم ارتياد العديد من الأطفال للمدارس، ومعاناة العديد من الأسر من مشاكل متعددة، وفشل العديد من علاقات الزواج وارتفاع نسب العنف المنزلي، وهذه جميعها من بين أسوء عواقب الصدمات".

ومع ارتفاع عدد اللاجئين العراقيين في سوريا الذين يعانون من آثار الصدمات، أصبحت معالجة تلك الآثار من الأمورالصعبة جدّاً، خصوصاً في غياب المرافق المتخصصة مثل مستشفيات الطب النفسي والأطباء والمتخصصين النفسيين.

واختتمت وايلكس قولها بأن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، بالرغم من كل الصعوبات التي تواجهها في هذا المجال، تعمل جاهدة لتوسيع نطاق خدماتها وتحويل الناس إلى العدد القليل من المستشفيات والأطباء المتوفرين.

ليست هناك تعليقات: